أخبار سياسية
افتتاحية “روافد بوست” : أزمة الكركرات: تٌسرع أم تٌبطأ حل النزاع بين المغرب وجبهة البوليساريو؟ أزمة بين الألم والأمل.
من أقدم قضايا القارة الافريقية؛ قضية “الصحراء الغربية” التي تعرض مرارا على طاولات النقاش في المنظمات الكبرى القارية كالاتحاد الافريقي والعالمية كهيئة الأمم المتحدة، طمعا في القسط والفصل النهائي فيها باعتماد الطرق السياسية ووظائف الدبلوماسية، دون سفك للدماء وانتهاك للحرمات والحريات، لكن الوعد طال الوفاء به، لأنها قضية لم تجد لها آذانا صاغية ولا قلوب ذو نوايا صادقة.
وكلما تحركت القضية عبر منابر المنظمات الكبرى إلا وكان وراءها ظلم كبير وقهر واغتصاب سافر للحريات والكرامات يستدعي تدخل المنظمات تدخلا سريعا، بعد اشتداد التنديدات ومناشدة الدول والمنظمات غير الحكومية لها، وبعد فضح تلك التجاوزات عبر الوسائل الاعلامية.
ظهرت واختفت المواجهات العسكرية بين طرفي القضية (المملكة المغربية والصحراويين الممثلة في قوات البوليساريو) بين فترة وأخرى لأزيد من ربع قرن (1975 إلى بداية تسعينات القرن المنصرم), وفي كثير من المرات كان الانتصار حليف الجيش الصحراوي، وقد حصل وان اعترف العاهل المغربي الأسبق” الحسن الثاني” بعد هزائم كبرى لجيشه على أراضي الصحراء بإمكانية اللجوء إلى صيغة الاستفتاء، بل تعهد على أن تكون المملكة أول من يفتح سفارة مغربية في الصحراء ولذى الصحراويين.
إجتمع مجلس الأمن لحسم القضية ووقف إطلاق النار عام 1991، مشكلا بعثة الأمين العام للتحضير للاستفتاء ليثبت صحراوية الصحراء أم صحراء المغرب، لكن طال انتظار الصحراويين … ولم يحصل الاستفتاء، وبقى حلمهم شريدا كما شٌرد أهاليهم بين أراضيهم المغتصبة وبين اللجوء في مختلف أسقاع العالم.
الكركرات فرضت منطق السلاح:
لم يكن انتظار الصحراويين في فراغ بل استمر نضالهم السياسي ولم ينقطع عبر الوسائل الرسمية وغير الرسمية لإيصال قضيتهم للرأي العام العالمي، و في استمرار التنكر لقرارات مجلس الأمن تواصلت بل تمادت التجاوزات، والاستغلال البشع لأراضي الصحراويين في امتصاص صارخ للثروات على رأسها مادة الفوسفات، واستغلال الشريط الساحلي المطل على الأطلنطي في استغلال لأجود الأسماك ومختلف الخيرات البحرية، دون أن يحرك المرصد الدولي لمراقبة الثروات الصحراوية ساكنا، وهو الذي أنشا عام 2016م بعد الكثير من النضالات الصحراوية حتى يمنع حركية التهريب بكل أنواعه لاسيما المخدرات المهلوسة التي اتلفت عقول ساكنة غرب وشمال إفريقيا.
قد يكون تقاعس المرصد المذكور أعلاه والمينورسو (بعثة الأمم المتحدة إلى الصحراء الغربية) من الأمور المساعدة على مسألة التمادي الكبير في التهريب بل السكوت على السياسة التوسعية عبر جنوب وشرق ممر الكركرات أو القرقرات بالتسمية المحلية (وهي منطقة عبور منزوعة السلاح) في محاولات منذ عام 2001م.
وراحت السلطات المغربية بتاريخ 13 نوفمبر من العام الجاري تزفت الطريق على جانب ممر الكركرات لتجعله ممرا تجاريا عبر موريتانيا ومنها إلى دول غرب إفريقيا وترى في ذلك حماية لتجارتها، وقابله احتجاج الصحراويين سلميا ليتلقى هجوما عسكريا مغربيا، وردا على ذلك انتفض جيش جبهة البوليساريو بعد الإعلان الصريح لـ “ابراهيم غالي” رئيس الجمهورية الصحراوية إنهاء اتفاق اطلاق النار لما يراه خرقا صريحا من طرف المغرب ب، فردت أيدي الشرطة المغربية بدورها بسلسلة من الاعتداءات والاعتقالات ضد الصحراويين لاسيما في مدينة العيون وبوجدور.
و في قمة ذروة النزاع تظهر جبهة جديدة تضم شباب صحراويين ــ كما تقدم ذاتهاــ المسماة بالصحراويين من أجل السلام، وقد همت بإرسال رسالة إلى الأمم المتحدة تقدم له الحل التوافقي ـ حسب نظرها ــ والذي سيرحب به الطرفان الصحراويون من جهة والسلطات المغربية من جهة أخرى، وفي فحواه هو الأقرب الى الطرح المغربي “الحكم الذاتي”. وتكشف جهات متبصرة أن الجبهة الجديدة ما هي إلا صنيع المخابرات المغربية حتى تطيل عمر النزاع من جهة، وتزرع الفتن والتشقق بين الصحراويين.
وقد تشهد الكركرات ذروة النزاع بين المغرب وجبهة البوليساريو في جو مشحون يزيد من تأزم حال ساحل الصحراء ومضاعفة مخاطر التهديدات اللاتماثلية في المنطقة برمتها.
لعل أزمة الكركرات ستصوغ الحلقة الأخيرة لمسلسل النزاع، وسينزل ستار النهاية بحل عادل.